هل يمكن لمجموعة بريكس أن تهزم الغرب: تحليل نقاط القوة والضعف

هل يمكن لمجموعة بريكس أن تهزم الغرب: تحليل نقاط القوة والضعف

 في عام  2001 لم يكن جيم أونيل، كبير مستشاري بنك غولدمان ساكس، يتصور أن دراسته الاقتصادية المسماة بريك ستكون أساساً لبناء كيان ضخم يمثل الدول الناشئة في الجنوب، ويشكل قوة دولية قوية، تعرض نفسها كبديل يجذب الدول الناشئة في عالم يزداد فيه عدد الأزمات.

هل يمكن لمجموعة بريكس أن تهزم الغرب: تحليل نقاط القوة والضعف
هل يمكن لمجموعة بريكس أن تهزم الغرب: تحليل نقاط القوة والضعف

خلال السنوات الماضية، تأثرت العديد من الدول النامية بالأزمات الدولية والتحولات الجيوسياسية، مما دفعها إلى السعي للانضمام إلى هذه المجموعة المهمة في المشهد العالمي، حيث تمكنت هذه المجموعة من تقديم نفسها كبديل للهيمنة الغربية في المجالات الاقتصادية والسياسية، وأصبحت ممولاً متزايد الأهمية للتنمية في عدة دول.

واحدة من أبرز القضايا التي تلقى اهتماما كبيرا لمجموعة البريكس هي التوسيع المحتمل للمجموعة، ووضع آليات مناسبة لذلك وفقا لنزاع الصين وروسيا والهند بشأن شروط انضمام الدول الجديدة. أعربت أكثر من 40 دولة عن رغبتها في الانضمام إلى الكتلة سواء رسميا أو غير رسميا.

حيث تضمنت أجندة القمة  رقم 15 التي تمت دعوة قادة وممثلو 71 دولة لحضورها، والتي عقدت بين 22 و24 أغسطسآب الماضي في جوهانسبرغ، عنصرًا هامًا يتمثل في تطوير التجارة بالعملات المحلية وتوسيع عضوية البنك الجديد للتنمية (NDB) لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي بين الدول الأعضاء في المجموعة. ومع ذلك، فإن جدول الأعمال لم يتضمن أي خطط لمناقشة استبدال الدولار بعملة موحدة.

وقبل انعقاد مؤتمر القمة، تعرضت المجموعة لاختبار لقوتها ومكانتها الدولية في مواجهة المنظومة الغربية وقوانينها. فلم يشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعد رئيس دولة ذو مكانة عالمية، في القمة بسبب إصدار مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية في مارسآذار 2023، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، تم تجميد القروض التي كان يُقدمها بنك التنمية الجديد لروسيا لتهدئة المستثمرين بشأن الامتثال للعقوبات الغربية، وأصبح الوصول المستمر للنظام المالي القائم على الدولار أولوية لدول المجموعة الأخرى بدلاً من مساعدة روسيا التي تعرضت لعقوبات أميركية وغربية.

كيف ظهرت حركة بريكس؟.. الطريقة الفعالة للتسويق.

تأسست المجموعة رسمياً في 16 يونيوحزيران سنة 2009 في يكاترينبورغ في روسيا، عندما عُقدت أول قمة بين زعماء روسيا والصين والبرازيل والهند، وسبق ذلك اجتماع تمهيدي لأعضائها في يوليوتموز 2008، وقبل ذلك اجتماع لوزراء خارجية الدول الأربع في سبتمبرأيلول 2006 على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.

في بداية تأسيسها، أُطلق على هذه المجموعة اسم بريك (BRIC)، والذي يشير إلى الحروف الأولى في اللغة اللاتينية للبرازيل وروسيا والهند والصين، وهذا الاسم تم صياغته بواسطة جيم أونيل أثناء بحثه عن الاقتصادات الناشئة. ثم في عام 2010، انضمت جنوب أفريقيا للمجموعة لتكون الاسم الجديد بريكس (BRICS). وتقع مقر هذه المجموعة في مدينة شانغهاي الصينية.

في ذلك الوقت الهادئ في العلاقات الدولية، كانت هذه الدول تحقق معدلات اقتصادية مرتفعة، لكنها كانت غير متناسقة في أنماطها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بين أعضائها، على العكس من النظام الغربي المرتبط برابطة واحدة، ولذلك تم اعتبارها في البداية كـ حيلة تسويقية غربية، وفي السنوات اللاحقة شهدت صحوة جيوسياسية بناءً على الأزمات العالمية والتغيرات في نظم العلاقات الدولية.

في منتصف العقد الماضي، واجهت المجموعة مجموعة من المشكلات، مع انتخاب ناريندرا مودي كرئيس وزراء الهند في العام 2014 واطاحة ديلما روسيف برئاسة البرازيل في العام 2016، وبهذا أصبحت هاتان الدولتان من أعضاء المجموعة تقودها حكومات متحمسة لتطوير العلاقات مع الولايات المتحدة.

وخلال قمة بريكس في مدينة شيامين الصينية في عام 2017، تم تقديم فكرة بريكس بلس (BRICS plus) التي تهدف إلى إضافة دول جديدة إلى المجموعة بصفة دائمة كضيوف، أو مشاركة في الحوار.

وعندما يعود لولا دا سيلفا ليتولى رئاسة البرازيل في عام 2022، وتصبح ديلما روسيف رئيسة بنك التنمية الجديد، فإن بريكس تعمل حاليًا بجد لتعرض نفسها كممثلة لدول الجنوب وبديلًا لمجموعة السبع، بناءً على أن معظم دولها تصنّف كدول نامية أو ناشئة.

ما هي أهداف بريكس من الاقتصاد إلى السياسة؟

في اجتماع وزراء خارجية المجموعة الأخير في كيب تاون بجنوب أفريقيا في الثاني من يونيو حزيران 2023 تحضيرًا لقمة أغسطسآب الحالي، تلخص وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار أهداف المجموعة قائلاً

على الرغم من أن الأهداف الاقتصادية والتنموية هي الأولوية في التجمع الاقتصادي لبريكس، إلا أنه لا يمكن إخفاء الطموحات السياسية المتعلقة بمحاولة تحقيق عالم متعدد القوى، ويبرز ذلك في تصريحات بعض قادة دول المجموعة، وخاصة الرئيس البرازيلي إيناسيو لولا دا سيلفا الذي ينتمي لليسار ويعارض العولمة، بالإضافة إلى المسؤولين الروس، وتتلخيص أهداف المجموعة فيما يلي:

تهدف جهودها إلى تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام عن طريق محاربة الفقر وتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، وتحسين جودة التنمية.

  • زيادة دعم التنمية الاقتصادية المبتكرة والمعتمدة على التكنولوجيا المتطورة.
  • تتمثل أهمية زيادة المشاركة والتعاون مع البلدان الغير عضوة في المجموعة في التوسع في العلاقات وتعزيز التعاون الدولي.
  • تعزيز الأمن والسلام بهدف تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.
  • تحسين منظومات المؤسسات المالية العالمية لتعكس بشكل أفضل الاقتصادات الناشئة والنامية.
  • تعزيز التبادل التجاري الدولي والبيئة الاستثمارية بين الدول الأعضاء في المجموعة.
  • ضمان استمرارية الأنظمة التجارية متعددة الأطراف من خلال التعاون مع المجتمع العالمي.
  • توفير المساعدة المالية للدول الأعضاء وغير الأعضاء.
  • تحقيق التنمية وتعزيز التعاون، وتقديم الدعم للمشاريع وتطوير البنية التحتية لدول المجموعة.
  • تحقيق التكامل الاقتصادي للدول الأعضاء.
  • تحقيق التوازن العالمي والتحرر من سطوة الغرب الاقتصادية.
  • دعم السلام وتحقيق التنمية في العالم.
  • تعديل قوانين العولمة بهدف الاستفادة منها لجميع دول العالم.
  • تشجيع تنشيط وتبادل العملات المحلية بين دول الجماعة.
  • الجهود مبذولة في العمل على إقامة سوق مشتركة للتجارة الحرة بالإضافة إلى استخدام عملة واحدة.
  • محاولة تجاوز القيود العادلة لصندوق النقد الدولي.
  • مواجهة الأزمات العالمية وتنويع الشراكات.

 

تسببت عدة عوامل في تكون مجموعة بريكس حليفاً جديراً بالاهتمام الدولي ، خاصةً في السنوات الخمس الماضية. تلك العوامل تتضمن ما يعتبره البعض تشققًا في النظام الدولي القائم وعدم توازن في نظام العلاقات الدولية ومؤسساتها التي تخضع بشكل عام للنفوذ الغربي.

خلال جائحة كوفيد-19 التي بدأت في عام 2020 والتأثير الاقتصادي الذي ترتب عليها في البلدان النامية وأزمة اللقاحات، أصبح واضحًا للبلدان الفقيرة والنامية (بلدان الجنوب) أن الدول الغنية والمؤسسات العالمية المرتبطة بها لم تقم بدورها بالشكل المناسب، مما أدى إلى هز الثقة في هذه المؤسسات والنظام الذي أنتجته.

بسبب الحرب المستمرة في أوكرانيا، قررت المؤسسات الدولية للإقراض منح دعمًا ماليًا بقيمة عشرات المليارات من الدولارات لكييف. في هذا الوقت، تعاني العديد من الدول الجنوبية من أزمات اقتصادية وديون غير مسبوقة ومشاكل تضخم، ولكنها لم تحظ بالاهتمام المناسب من الدول الغربية أو المؤسسات المالية الدولية حتى وصلت بعضها إلى حافة الإفلاس.

وفي سياق ذلك، أظهرت البيانات التي أصدرها معهد كيل للاقتصاد العالمي وبنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي أن الولايات المتحدة قدمت تبرعات لأوكرانيا بقيمة تزيد عن 78 مليار دولار منذ تدخل روسيا في 24 فبراير 2022 حتى 15 يناير 2023، بما في ذلك مساعدات عسكرية بقيمة 46 مليار دولار. وفيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، قدمت مؤسساته أكثر من 37 مليار دولار، بينما قدمت بلدان الاتحاد الأوروبي مجتمعة حوالي 40 مليار دولار. وجدير بالذكر أن هذه التبرعات كانت لصالح كييف.

في شباط 2023، أعلن البنك الدولي عن تقديم مساعدات إضافية لأوكرانيا بقيمة 2.5 مليار دولار. وفي غضون عام واحد، قدم البنك الائتمان لكييف بمبلغ 20.6 مليار دولار في شكل قروض وهبات، وتم صرف 18.5 مليار دولار منها.

منذ الغزو الروسي، قدم صندوق النقد الدولي حوالي 5 مليارات دولار لأوكرانيا. وفي أبريلنيسان 2023، وافق الصندوق على حزمة تمويل جديدة لمدة 4 سنوات بقيمة 15.6 مليار دولار. هذه المرة الأولى التي يمنح فيها الصندوق قرضا لدولة تعاني من حالة حرب.

للمقارنة، تجاوز إجمالي القروض التي قدمها الصندوق لمصر والمغرب وتونس والعراق والأردن واليمن وموريتانيا خلال العشر سنوات الماضية حوالي 54.39 مليار دولار، وفقًا لتقرير وكالة الأناضول.

وبشكل مختلف عن الوضع في أوكرانيا، تضع المؤسسات المالية العالمية شروطاً صعبة جداً على الدول التي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة مثل سريلانكا وباكستان وبنغلاديش ومصر. تستمر المفاوضات لسنوات طويلة وتقدم مبالغ أقل بكثير، ويتعثر صندوق النقد الدولي في منح القروض لتونس ولبنان بسبب عدم التزامهما بالشروط المطلوبة، بينما يواجه السودان تعطيل في قرضه الموافق عليه.

وغالبًا ما يفرض صندوق النقد الدولي إجراءات قاسية تتضمن إلغاء الدعم عن السلع الأساسية، وخصخصة المؤسسات الحكومية، وتطبيق زيادات في الضرائب، وضبط الرواتب وتقليص الوظائف في القطاع العام، وتعويم العملة المحلية. وغالبًا ما لا تنجح هذه الإجراءات في إنقاذ تلك البلدان، وعبّر الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا عن شكه في مؤسسات التمويل الغربية بقوله صندوق النقد لم ينجح إلا في تدمير البلدان.

على الرغم من تمثيل دول بريكس 42٪ من سكان العالم، يمتلك أعضاؤها الخمسة أقل من 15٪ من حقوق التصويت في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، في حين تملك الولايات المتحدة حوالي 17٪ ومجموعة السبع تمتلك 45٪.


بريكس والبحث عن التوازن العالمي

في ضوء هذه التناقضات، زادت الدول الجنوبية وعيها بأهمية تعميق التعاون بينها بطريقة تتناسب مع قضاياها وأولوياتها، مثل مكافحة الفقر والجوع والأمراض والأوبئة والبطالة والركود الاقتصادي وتأثير التغير المناخي ضمن نظام عالمي أكثر عادلية وشفافية وشمولية.

وفي إطار ذلك، سُرعت الجهود المبذولة لتوسيع مجموعة بريكس وازدادت طلبات الانضمام إليها، حيث أعربت 43 دولة عن اهتمامها بالانضمام إلى هذه المجموعة، وقدمت 23 دولة طلبات رسمية، بما في ذلك 8 دول عربية، وقد تم النظر في هذه الطلبات خلال قمة أغسطس / آب الماضي.

بالإضافة إلى تأثير الحرب في أوكرانيا على كشف الثغرات في إدارة النظام الدولي، يمكن تلخيص العوامل المباشرة وغير المباشرة التي أدت إلى إقبال الانضمام إلى مجموعة بريكس على النحو التالي:

  • يواجه النظام العالمي الحالي في جوانبه السياسية والاقتصادية تحديات متوالية.
  • تعاني العديد من الدول النامية من تداعيات العقوبات الاقتصادية الغربية.
  • تسبب تراجع الثقة في المؤسسات المالية الغربية وشروطها الصعبة في الاضطراب.
  • منذ تفكك الاتحاد السوفياتي، يسعى العالم إلى الحصول على توازن ونظام دولي أكثر عدالة.
  • أظهرت أزمة الدين الأميركي أن الاقتصاد الأميركي لم يعد يمتلك استقرارًا اقتصاديًا يُحتذى به.
  • في السنوات الأخيرة، لم يعد النظام السياسي الأميركي نموذجًا سياسيًا مثاليًا بنفسه.
  • فتح التقدم التكنولوجي والنمو الاقتصادي الأبواب للعديد من الدول الأخرى، ولم تعد الولايات المتحدة والدول الغربية هما القوة الحاكمة في العالم.
  • وجود قوى اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية جديدة صاعدة، وأعلى تلك القائمة تحتلها الصين.
  • منحت مجموعة بريكس بتنوعها وقوتها أملاً في إنشاء نظام دولي جديد وأكثر توازناً.
  • ترى كثير من الدول أن منظمة النقد الدولية والبنك الدولي هما استمرار للقوة والسيطرة.
  • أصبح الاعتماد على الولايات المتحدة غير فعّال وغير مؤمن بالنسبة للعديد من الدول.
  • الدول الأعضاء في مجموعة بريكس هي من الدول النامية ولم تخض تجربة استعمارية في الماضي.
  • الدول النامية تسعى لإيجاد بيئة أفضل وأكثر شفافية ومصداقية لتمويل برامجها الاقتصادية والتنموية.

بشكل عام، توضح للعديد من الدول الفقيرة والنامية أن النظام العالمي والنظام الدولي الذي بني على أساس القوة أحادية القطب ومحوره الغرب بقيادة الولايات المتحدة اقتصادياً ومالياً قد بدأ يتلاشى. يستند هذا النظام إلى نظام بريتون وودز والمؤسسات المالية والنقدية الدولية المرتبطة به، هذه المرحلة التي تلت الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي عرفت تميز الولايات المتحدة الأمريكية والغرب.

مجموعة بريكس وعوامل القوة الجاذبة

بالإضافة إلى الشكوك والمخاوف التي تركتها الأزمات الدولية القديمة والطارئة في النظام الدولي الحالي، فإن مجموعة بريكس بتكوينها الحالي تمتلك عوامل قوة متعددة، مما جعلها مغرية للدول النامية، والتي تشكل مزيجاً من الحضارات المختلفة والمتنوعة التاريخية. وتمتلك هذه الدول عوامل مستقبلية مشجعة يمكن تلخيصها فيما يلي:

  1. في شكلها الحالي، بريكس تضم حوالي 42% من سكان العالم ويمكن أن يتجاوز ذلك في المستقبل إلى أكثر من 50% مع انضمام دول أخرى ذات ثقل سكاني مثل إندونيسيا ومصر ونيجيريا وإثيوبيا وإيران والأرجنتين.
  2. يصل حجم الدول في المجموعة حاليًا إلى أكثر من 40 مليون كيلومتر مربع، ويشكل ذلك حوالي 27% من إجمالي مساحة العالم.
  3. تحتل الدول الأعضاء في المجموعة نحو 31.5% من إجمالي الناتج العالمي، وفقًا لتقديرات لعام 2023، بينما تبلغ النسبة 30.7% لمجموعة السبع. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 33% بحلول عام 2025، وفقًا للبيانات التي نشرتها مؤسسة أكورن ماكرو للأبحاث الاقتصادية المقرة في المملكة المتحدة.
  4. بحسب البيانات المقدمة من صندوق النقد الدولي، فإن الناتج المحلي الإجمالي لدول بريكس يبلغ حوالي 44.1 تريليون دولار بتعادل القوة الشرائية، بينما يبلغ حجم اقتصادات دول مجموعة السبع الكبرى حوالي 40.7 تريليون دولار.
  5. تقدر قيمة الاحتياطي النقدي الأجنبي المشترك للمجموعة في حالتها الحالية بمقدار حوالي 4 تريليونات دولار.
  6. تساهم دول المجموعة بحوالي 23% من الناتج الاقتصادي العالمي.
  7. تشكل هذه المجموعة حوالي 18% من حجم التجارة العالمية للسلع، وتصل إلى 25% من الاستثمارات الأجنبية.
  8. تقوم دول المجموعة بإنتاج حوالي ثلاثين بالمئة من احتياجات العالم من السلع والمنتجات.
  9. المجموعة البريكس تسيطر على نصف احتياطي الذهب والعملات.
  10. قوانين اقتصاد دول بريكس متكاملة ببعضها البعض، حيث تتمثل في تنوع وتكامل القطاعات الاقتصادية المختلفة مثل الغاز والنفط والمعادن والتكنولوجيا والكفاءات البشرية والثروات الزراعية والإمكانات العسكرية.
  11. يصل حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول بريكس، وفقاً لتعادل القوة الشرائية، إلى 44.1 تريليون دولار، في حين يصل حجم اقتصادات دول مجموعة السبع الكبرى إلى 40.7 تريليونا دولار.
  12. تُنتِج المجموعة حوالي 40.2% من مصادر الطاقة العالمية، ومن الممكن أن تزيد هذه النسبة بمشاركة دول أخرى مثل السعودية والإمارات وإيران والجزائر وفنزويلا في إنتاج الغاز والنفط.
  13. المجموعة تمتلك بنكًا متخصصًا في التنمية وصندوقًا للاحتياطات النقدية الجذابة للدول النامية التي تحتاج إلى مساعدات وقروض.
  14. وجود الصين وروسيا ضمن المجموعة يشكل عاملاً مغرياً، حيث أصبحت الصين قوة عالمية في المجال الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري، بينما تعتبر روسيا قوة عسكرية ومصدر أساسي للأسلحة.

وبشكل عام، يشهد العالم تغيرًا سريعًا في توازن القوة الاقتصادية، الذي كان يستند منذ سنوات عديدة على تفوق مجموعة الدول السبع الصناعية بقيادة الولايات المتحدة، والآن يتحول تدريجيًا إلى مجموعة بريكس بقيادة الصين، ومن المحتمل أن يؤدي توسع هذه المجموعة إلى زيادة نفوذها الاقتصادي والسياسي بصورة كبيرة، مما يعزز أدوارها وتأثيرها على الساحة العالمية.

ومن الممكن أن يتزايد انضمام عدد من الدول الثرية والنشطة إقليميا ودوليا للمجموعة، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والجزائر وفنزويلا وإندونيسيا وإيران، وذلك بسبب القوة الاقتصادية والسياسية والمالية التي تمتلكها هذه الدول، وسوف توفر إمكانية مالية للمؤسسات المالية التابعة لها أو المؤسسات التي قد تتأسس في المستقبل. وسيكون للنفط والغاز دورا هاما في قوة المجموعة، حيث يقع معظم الإنتاج والاحتياطي في منطقة تأثير هذه الدول.

في قمة عام 2014، تأسست دول بريكس بعدد من المؤسسات المالية، بما في ذلك بنك التنمية الجديد برأس مال أولي يبلغ 50 مليار دولار، والهدف هو بلوغ 100 مليار دولار، ومقره في مدينة شنغهاي الصينية. وقد بدأ بنك التنمية الجديد عمليات الإقراض، والتي تطورت من مليار دولار في عام 2017 إلى 30 مليار دولار حتى منتصف عام 2023.


عملت المجموعة على إنشاء صندوق معروف بإسم صندوق الاحتياط النقدي ويحتوي على احتياطات نقدية طارئة بقيمة ١٠٠ مليار دولار لدعم الدول التي تعمل على تسديد ديونها.

ويبدو أن فكرة تأسيس مؤسسات دولية بديلة للمؤسسات الاقتصادية الدولية الحالية (مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)، لتعزيز النمو والتنمية على المستوى العالمي، بدون قيود أو شروط سياسية واجتماعية، هي الخطوة الأولى في خطة المجموعة لإقامة نظام عالمي جديد.

يتمثل العامل الجاذب الأساسي للدول ذات الاقتصادات الضعيفة والنامية في البحث عن مصادر تمويل جديدة، دون وجود قيود تؤثر سلبًا على بنيتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية. يمكن أن يجد هذا البحث مأوى مناسبًا في تحالف بريكس وفي بنك التنمية الجديد أو صندوق بريكس.

تسعى دول أخرى إلى تنويع شراكاتها وتجنب العواقب الناتجة عن الحصار الاقتصادي والعقوبات الأميركية والغربية وتجميد أصولها المالية المقومة بالدولار، مثلما حدث مع روسيا وإيران وفنزويلا وأفغانستان وسوريا وليبيا وغيرها خلال السنوات السابقة.

كما يشكل اشتراك دول المجموعة والدول المرشحة للانضمام في مصالح اقتصادية وتنموية مشتركة تختلف عن نظرائها الغربية، فإنه يشكل رابطاً هاماً بينها. قد أعرب وزير الخارجية الهندي سوبرا أمنيام جاي شانكار عن ذلك عندما قال

ما مواطن الضعف ومواضع الخلاف؟

على الرغم من وجود عوامل قوة وجذب في مجموعة بريكس، إلا أنها تحتوي على عدة نقاط ضعف يمكن أن تؤثر في أدائها وتوجهاتها، خاصةً إذا كان هدفها منافسة النظام الغربي المترسخ اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا، الذي يسيطر على العالم منذ سنوات. ويمكن تلخيص هذه النقاط الضعف على النحو التالي:

  • تختلف طبيعة الأنظمة السياسية بين دول المجموعة وتختلف أيضًا توجهاتها الاقتصادية.
  • في المجموعة، لا توجد هناك هياكل أو مؤسسات راسخة ومستقرة أو أمانة عامة، على عكس ما هو ملاحظ في الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال.
  • تتنوع وجهات النظر بشأن المسائل الاقتصادية والتجارية والتمويل بين الدول المشاركة في تشكيل المجموعة.
  • التنافس الاقتصادي والتجاري الذي يحدث بين بعض دول المجموعة، ولا سيما بين الهند والصين.
  • القلق من سيطرة الصين على هذه القائمة الدولية ومن استخدامها لسياسات الاكتناز وعدم التنسيق في الأسواق.
  • تتمثل الاختلافات السياسية والحدودية والتوترات بين الدول المؤسسة، وبخاصة بين الصين والهند.
  • تتداخل أنظمة اقتصادية عدة، تتباين أحجامها وتختلف أسعار العملات في نظام اقتصادي واحد.
  • على الرغم من أنها تعود إلى العصور القديمة ، فإن الرابط الثقافي غير موجود وهناك اختلاف كبير بين الحضارات.
  • الاختلاف في القوة الاقتصادية والتنموية يظهر في أن الصين وحدها تمثل 69٪ من إجمالي الناتج المحلي لبريكس، وهو أكثر من ضعف حجم جميع أعضاء بريكس الآخرين مجتمعين.
  • عدم وجود رابط جغرافي، حيث تتنوع دول المجموعة في 4 قارات ولا يوجد حتى الآن روابط سياسية تجمعها.
  • تتمثل التحديات في الصراعات الداخلية في بعض الدول والأزمات الحادة في دول أخرى، بالإضافة إلى عدم استقرار أنظمتها.
  • الصراع القائم مع الولايات المتحدة، وخاصة مع روسيا والصين، قد يؤدي إلى نشوب حرب باردة جديدة.
  • بعض دول البريكس، مثل الهند، تحافظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة، وتشارك في التحالف الرباعي المكون من الولايات المتحدة واليابان وأستراليا.
  • القلق من أن المجموعة قد تصبح ملجأً للدول الفاشلة اقتصادياً وسياسياً، مما يضع عبئًا عليها.
  • قد يؤدي قبول الدول ذات الاقتصادات الأضعف إلى تضعيف العلاقات التي تسعى البلدان إلى بنائها داخل الكتلة.
  • تُصون الهندَ على انضمام دولٍ جديدة وتطالبُ بتحديدِ معاييرٍ وشروطٍ واضحةٍ.
  • يشعر البلدان الضعيفة اقتصادياً بالقلق من أن تصبح مجرد سوق للمنتجات والسلع التي يسيطر عليها الدول القوية.
  • تراوحت المنافسة بين الصين والهند إلى استخدام العملتين المحليتين لتسهيل التجارة في الجماعة.

رغم وجود الخلافات والتحديات العديدة، نجحت دول المجموعة في إدارة الأزمات بشكل جيد بشكل عام، وشهدت زيادة كبيرة في حجم التجارة بينها. وصلت قيمة التبادل التجاري بين الصين والبرازيل إلى 150 مليار دولار في عام 2022، وتضاعفت صادرات روسيا إلى الهند ثلاثة أضعاف بين أبريل نيسان وديسمبر كانون الأول 2022 لتصل إلى 32.8 مليار دولار. كما ارتفعت قيمة التجارة بين الصين وروسيا من 147 مليار دولار في عام 2021 إلى 190 مليار دولار في عام 2022، بنسبة زيادة قدرها 30%.

هيمنة الدولار وعملة بريكس المفترضة

على المستوى الإستراتيجي، تسعى مجموعة بريكس إلى تبني عملة مشتركة في التجارة البينية والدولية في إطار مبادرات معلنة أو غير معلنة لتقويض إحدى أهم أدوات الهيمنة الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة على الساحة العالمية.

وتأتي فكرة التخلي عن استخدام الدولار من قناعة بأن الولايات المتحدة تعتمد على عملتها كوسيلة لفرض الضغط السياسي وتجبر الدول على التقيد بمصالحها وسياساتها، وفي الوقت الذي تشجع فيه روسيا والصين وجنوب أفريقيا والبرازيل على هذا الاقتراح، تحتفظ الهند ببردود فعل محتفظة تجاهه.


هل يمكن لمجموعة بريكس أن تهزم الغرب: تحليل نقاط القوة والضعف


يُعتبر الرئيس البرازيلي إيناسيو لولا دا سيلفا واحدًا من أبرز المؤيدين للتخلص من اعتمادية الدولار. فقد صرح خلال اجتماعه مع نظيره الصيني في أبريلنيسان ٢٠٢٣ بأنه يسعى إلى هذا الهدف.

وفقًا لما تعززت جهود روسيا في هزّ هيمنة الدولار، ودعت إلى اعتماد عملة مشتركة في بريكس، وبما أن الصين تدعم هذا الأمر أيضًا، فقد وقفت بحزم ودعمت مبادرة العملة المشتركة، كما صرح الرئيس شي جين بينغ.

ومع ذلك، تظل الهند متحفظة تجاه هذه الخطوة، حيث تشكك في قيمتها وتعطي الأولوية لمصالحها الوطنية. وقد أعرب رئيس الوزراء الهندي، ناريندا مودي، بصراحة عن هذا الأمر بتصريحه.

بغض النظر عن عدم حسم هذا الخلاف، قامت المجموعة في البداية بالتركيز على تعزيز التبادل التجاري باستخدام العملات المحلية، كما يحدث بين روسيا والصين والسعودية والإمارات والهند ودول أخرى، نظرًا لصعوبة التخلص من الدولار في المستقبل القريب للأسباب التالية

  1. يعتبر الدولار العملة الرئيسية في النظام التجاري والمصرفي العالمي وستظل هذه السيطرة قائمة لفترة زمنية، وأي تغير سريع نحو عملة جديدة سيتسبب في اضطرابات كبيرة في النظام الاقتصادي العالمي.
  2. الدولار يُعَتَبَرُ مخزونًا للادخار والأصول المالية والاحتياطيات النقدية للبنوك المركزية في جميع أنحاء العالم.
  3. تأسست الأنظمة المصرفية والتجارية العالمية والبنى التحتية للدفع ونقل الأموال الإلكتروني على أساس الدولار.
  4. ما زال الدولار يحتل النسبة الأكبر في سلة العملات الاحتياطية لدول العالم، وتتم معاملات الديون بالدولار.
  5. تتوقع نسبة الاحتياطي العالمي بالعملات الأجنبية بالدولار الأميركي تقريباً بنسبة 61%، بينما تقدر نسبة الاحتياطي باليوان الصيني بحوالي 3%.
  6. الدولار هو العملة الأساسية في المؤسسات المالية العالمية وفي أسواق الأسهم العالمية وسوق السلع والودائع المصرفية والتمويل التنموي والاقتراض.
  7. تشكّل التجارة بالدولار 80% من إجمالي حجم التجارة العالمية، ويتم تقدير الديون أيضاً بالدولار.
  8. باستثناء روسيا، لا تزال دول بريكس تحتفظ بعلاقات اقتصادية وثيقة مع الدول الغربية، وبالتالي فإنه من الصعب عليها أن تتخلى تمامًا عن استخدام الدولار والاعتماد فحسب على سلة عملات بريكس.
  9. الولايات المتحدة يمكنها التأثير على الدول لضمان عدم انضمامها إلى تحالف غير مؤيد للأنظمة الاقتصادية الغربية.

ومع ذلك، نشير إلى أنه من الملاحظ أن التبادل بالعملات المحلية يكتسب قوة متزايدة وخصوصا الروبية الهندية واليوان الصيني، وقد قامت بكين بجهود كبيرة للترويج لعملتها (اليوان) في التجارة الدولية، وذلك بسبب زيادة التوترات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة، ويمكن مشاهدة أن اليوان يحقق أسرع معدل نمو منذ عام 2016 بين العملات العالمية.

بدأت المملكة العربية السعودية والبرازيل والهند والأرجنتين وباكستان وبوليفيا والعراق ودول أخرى في إجراء صفقات باستخدام العملة الصينية (اليوان) أو أعربت عن استعدادها للمشاركة في التجارة المستقبلية باليوان. كما بدأت الهند والإمارات ودول أخرى في اعتماد الروبية والعملات المحلية في المعاملات البينية.

من الممكن أن يؤدي استخدام عملات أخرى في التجارة النفطية والغازية والتجارة بالسلع الاستراتيجية الأخرى مثل المعادن النادرة إلى تقليص سيطرة الدولار على الأسواق العالمية.

في نفس السياق، تسعى دول المجموعة إلى اعتماد نظام جديد للدفع وتحويلات المال المتعدد الأطراف والجنسيات كبديل لنظام الدفع الأميركي سويفت.

تشرف المصرف المركزي الروسي على المشاورات مع دول بريكس من أجل تطوير نظام دفع مشابه، بالإضافة إلى ذلك، قامت الصين بتطوير نظام الدفع عبر الحدود بين البنوك CIPS ليكون بديلاً لنظام سويفت بهدف توفير شبكة موحدة وآمنة لتبادل المعلومات المتعلقة بالمعاملات المالية.

بالرغم من صعوبة تفكيك أدوات الهيمنة المالية الأميركية والغربية، وتداعياتها الاقتصادية والسياسية على المدى القصير، إلا أن الخطوات المضادة التي تتبعها المجموعة ستكون لها تأثيرًا عميقًا على المدى المتوسط والبعيد، إذا استمر عمل هذه الكتلة بنفس الزخم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
NATIVE ASYNC

نموذج الاتصال